[ إعتذارات ]
بلحظة من اللحظات التي تطرأ في ذهن الإنسان ،
أن يسترجع بها حياته و يتأمل ما كان يفعله فيها ،
و يحاول الاعتذار لكل سمة من سمات الحياة
فيقول للحياة
[ أعتذر لأحبائي ]
لأني بكيت في وقت فرحهم ..
و ضحكت في وقت آلامهم ..
و أطلقت صرخاتي في لحظة هدوئهم ..
و صمت في لحظة مشاركاتهم ..
و بقيت في لحظة رحيلهم !
و رحلت في لحظة اجتماعاتهم و لقاءاتهم ..
و اعتذرت لهم في وقت حاجتهم ..
و بدون سبب تركتهم !!
[ أعتذر لقلبي ]
لأني أتعبته كثيراً في لحظات حبي ..
و جرعته ألماً في لحظة حزني ..
و نزعته و بدون تردد لأهبه لغيري !!
[ أعتذر لأوراقي ]
لأني كتبت بها و أحرقتها ..
و رسمت الطبيعة عليها ..
و بدون ألوان تركتها ..
و في لحظة همومي و أحزاني لجأت إليها ..
و في لحظة فرحي و راحتي أهملتها ..
و عندما عزمت الاعتكاف عن الكتابة مزقتها و ودعتها إلى الأبد !!
[ أعتذر للقلم ]
لأني في معاناتي أتعبته ..
و لأني حملته الألم و الأحزان و هو في بداية عهده ..
و عندما انتهى رميته ..
و استعنت بآخر مثله !!
[ أعتذر للواقع ]
لأني بكل قسوة رفضته ..
و أغمضت عيناي عنه في كل لحظاتي المرّة ..
و شكلته بشبح أسود يتحداني بدون رحمة ..
و نسيت بأنه هو مدرستي التي جعلتني أكون حكيماً في المواقف الصعبة..
[ أعتذر للأحلام ]
لأني أطرق على أبوابها في كل ساعة ..
و اجعلها تبحر بي إلى كل مكان أريده ..
فهي من حققت كل أمنياتي دون تردد ..
و هي من أتعبتها معي حينما كبرت و كبرت معي أحلامي ..
[ أعتذر للأمل ]
حينما رحلت عنه و بدون استئذان ..
و لازمت اليأس في محنتي .. و مكابرتي
رغم مرارتي و آلامي أقول بأني أسعد إنسان ..
فلقد كانت سعادتي الوهمية تكويني في صمتي ..
و تعذبني في ليلي ..
دون إحساس الآخرين بي ..
فـعذراً أيها الأمل !
[ أعتذر للسعادة ]
لأني عشقت الحزن ،
و حملته شطراً من حياتي ..
و عشقت البكاء لأني أُنفس به عن آلامي ..
و عشقت قول الآه لأنها تطفئ حرقة أناملي ..
و عشقت الجراح لأنها أصبحت قطعة أرقع بها ثغور ثيابي ..
و عشقت الصمت في لحظة الألم لأنها تحفظ لي كبريائي ..
فعذراً أيتها السعادة لأني أبعدتك عن حياتي !!
[ أعتذر للبحر ]
لأني عشقته بجنون ..
و طعنته في خواطري بالمليون ..
و أضفت إليه الغدر في هدوئه ..
و وصفته بأنه جميل و هو في قمة جنونه ..
فلم تكن تلك الطقوس سوى أحاسيس مختلقة
و كان ضحيتها البحر لأني عشقته !!
[ أعتذر للقاء ]
لأني كتبت عن الرحيل و الوداع ..
و لأني جردته من قاموسي الملتاع ..
و لأني أصبحت خاضعاً للقدر
فأمنت بالرحيل كثيراً
و بكيت لأجله كثيراً ..
و تناسيت كلمة الاجتماع و اللقاء !!
[ أعتذر لأمي ]
لأنها تألمت عند ولادتي ..
و سهرت على نشأتي و رعايتي ..
فتبكي على بكائي ..
و تسعد عندما تسمع ضحكاتي ..
و تسقم لسقمي ..
و تتعافى بمعافاتي ..
و صبرت و تحملت طيشي و إزعاجي
و تجاوزت عن أخطائي ..
و تذكرت حسناتي !!
[ أعتذر للحياة ]
حينما اتهمتها بالقسوة ..
و للطيور و البلابل حينما قلت عنها خرساء ..
و للدموع حينما جمدتها بالعين ..
و لصندوق الذكريات الذي أخرجته بعد دفنه اعتذار
[ أعتذرُ لكلمة " إعتذار " ]
لأني أدخلتها في بحور شتى من الإعتذار ..
فشُكراً و عُذراً ..